0

فتاوى

الرئيسية / فتاوى مجتمع وأسرة/ طلاق من خير زوجته
طلاق من خير زوجته
السؤال :
رجل خيّر امرأته ؛ فقال لها: إن كنت تريدين الحياة معي فأخبريني , وإن كنت لا تريدين العيش معي فأخبريني , فقالت: أنا لا أريد معك , فسأل بعضَ العلماء , فقال له: هذا طلاق , والبعض الآخر قال له: ليس هذا بطلاق , فما هو الصواب في ذلك ؟
الإجابة
مسألة تخيير الرجل زوجته ؛ كأن يقول لها: اختاريني أو اختاري نَفْسَك , أو أمرك بيدك , ونحو ذلك ؛ مما اختلفت فيها كلمة أهل العلم, فمنهم من عدّ ذلك توكيلاً، ومنهم من عده تمليكاً , ومنهم من قال: إن خَيَّرَها فاختارته كانت طلقة رجعية , فإن اختارت نفسها ؛ كانت طلقة بائنة , ومنهم من يراها ثلاث طلقات بائنة , ومنهم من يقول: وإن اختارت زوجها ؛ فهي بائنة , وهو خاطب من الخطّاب إن كانت محلاًّ للزواج به , ومنهم من لم يعدها شيئًا, إلى غير ذلك من الأقوال.
والأصل في هذا: أنه لما نزل قول الله U: ]يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنت تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحًا جميلاً . وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجراً عظيماً[ [الأحزاب: 28-29] فقالت عائشة – رضي الله عنها –: خيرنا رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – فاخترناه , فلم يعُدَّه طلاقًا , أخرجه البخاري ومسلم .

وفي رواية لمسلم: أن عائشة قالت: لما أُمِر رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – بتخيير أزواجه بدأ بي , فقال: ” إني ذاكر لك أمرًا , فلا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أَبَويك ” قالت: قد علم أن أبوَيَّ لم يكونا ليأمراني بفراقه , قالت: ثم قال: ” إن الله – عز وجل – قال: ]يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها ..[ الآيتين , قالت: في أي هذا أستأمر أبوي ؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة , قالت: ثم فعل أزواجُ رسولِ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم – مثل ما فعلت .
وفي رواية لمسلم: قد خيـرنا رسـول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – أفكان طلاقاً ؟ وفي رواية لهما: فلم يعدها علينا شيئًا .
فمن قال: إن اختارت زوجها كانت طلقة رجعية ؛ فقد خالف هذا الحديث الصحيح الصريح , ومن قال: إن اختارت نفسها كانت طلقة رجعية ؛ أخذه من مفهوم قول عائشة: فاخترناه ، فلم يعدها طلاقًا . ومفهومه: أننا إن اخترنا أنفسنا عَدَّهُ طلاقًا , ومن قال: إن اختارت نفسها فطلقة بائنة ؛ أو ثلاث بائنة ؛ فباعتبار أنه رفع سلطانه عنها , وملكها نفسها ؛ فلو كان يملك الرجعة لأضر ذلك بها , فكأنه خيرها بين شيئين فاختارت غيرهما , ومن قال: إن هذا التخيير ليس فيه طلاق – وإن اختارت نفسها – فباعتبار أن المرأة لا تملك الطلاق , إنما هو للرجل .
والحق يقال: إن في المسألة اختلافًا كثيرًا بين أهل العلم , والذي يترجح: أن في المسألة تفصيلاً , ويفرق بين ما إذا كان الزوج ينوي بالتخيير الطلاق أم لا ؟ فإذا نوى بالتخيير الطلاق , واختارت نفسها بنية الطلاق منها أيضًا ؛ فهذا يعَدُّ طلاقًا رجعيًا , وإن لم ينوِ الطلاق , أو نوى ؛ وهي لم تنوِ الطلاق ؛ فلا يعد طلاقًا وإن اختارت نفسها , لأن الأعمال بالنيات , والتخيير من كنايات الطلاق التي تفتقر إلى نية , كما قال الشافعي وأحمد وغيرهما , وظاهر الآية يدل على أن الرسول – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – خيّر أزواجه – رضي الله عنهن – فإن اخترن الحياة الدنيا وزينتها فإنه – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – سيطلقهن, كما في قوله تعالى: ]فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحًا جميلاً[ فظاهره أن إيقاع الطلاق يكون بعد الاختيار , لا أن الاختيار في نفسه يكون طلاقًا .
ومن قال: إن اختارت نفسها فهي طلقة بائنة أو ثلاث بائنة ؛ فدليله قوله تعالى: ]فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحًا جميلاً[ , قالوا: والتسريح لا يكون إلا مع البينونة , واستدل بقوله تعالى: ]الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان[ [البقرة: 229] فالتسريح بعد التطليقتين , ولا يكون إلا بائناً , وتعقب بأن جمع الثلاث طلاق بِدْعِي , وما كان الله ليأمر به رسوله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – ولا كان رسوله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – ليطلق به , وهو مخالف لما أنزله عليه ربه – سبحانه وتعالى – .
وأما من لم يعد التخيير شيئًا – وإن اختارت نفسها , وإن نوى الطلاق – فهذا مخالف لحديث: ” إنما الأعمال بالنيات ” وما في معناه, ومخالف أيضًا لآثار الصحابة كما صرح بذلك ابن القيم في ” زاد المعاد ” ( 5/173) حيث قال: ” ولولا هيبة أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – لما عدلنا عن هذا القول – يعني عدم اعتبار التخيير طلاقًا – ولكن أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وهم القدوة وإن اختلفوا في حكم التخيير؛ ففي ضمن اختلافِهم اتفاقُهم على اعتبار التخيير , وعدم إلغائه , ولا مفسدة في ذلك ” . ثم بيّن – رحمه الله – أن الزوج إن خيّرها , وملكها أمرها , فطلقت نفسها ؛ فليس ذلك من باب استقلالها بالطلاق .
والذي ينظر في حال الناس: يجد أن بعضهم قد يقول لزوجته هذا القول عند وجود خصومة بينهما, ولا ينوي به طلاقًا, وهي قد تقول: لا أريدك , ولا تعني بذلك أنها تطلق نفسها , بل قد تختار أن تبقى مع أولادها في بيت خاص بهم , وتبتعد عن زوجها ليستريح الجميع من الخصومات , فإجراء الطلاق على الناس بذلك مع الجهل , وعدم نية من الزوجين الطلاق , مما يخالف قواعد الشرع الشريف , وإذا كان الله U قد عفا عمن قال: ” اللهم ! أنت عبدي وأنا ر بك ” , أخطأ من شدة الفرح , أخرجه مسلم من حديث أنس بهذا اللفظ , فإذا كان الله U قد عامله بنيته ؛ فكيف لا يعامل صاحب هذه المقالة بنيته ؟!
فتلخص من المذاهب أنها – مع كثرتها – ترجع إلى ثلاثة أقوال في مسألة اختيار المرأة نفسها:
الأول: من يُوقِعُ الطلاق بمجرد التخيير , سواء كان رجعيًا أو بائنًا , وإن لم ينوِ الزوج به الطلاق .
الثاني: من لم يرَ التخيير شيئًا , وإن نوى الزوج به الطلاق .
الثالث: التفصيل بين من خيّر ناويًا الطلاق ، فاختارت المرأة نفسها ناوية الطلاق ؛ فهو طلاق – وهذا مذهب الشافعي وأحمد – وبين من لم ينوِ الطلاق لا هو ولا زوجته , أو أحدهما ؛ فليس بطلاق , وهذا هو الراجح الذي يناسب القواعد , وكذلك يناسب ظاهر الآية . والعلم عند الله – تعالى – .
2021-09-12 13:03:18
فتاوى : فتاوى الطلاق   -  
كود الفتوى عنوان الفتوى تصنيف الفتاوى المفتون
65275

كنت في ساعة غضب و رميت عليها الطلاق و أريد إرجاعها

فتاوى مجتمع وأسرة / فتاوى الطلاق

علي بن محمد بارويس
64863

اعتراض الأعمام

فتاوى مجتمع وأسرة / فتاوى الطلاق

علي بن محمد بارويس
64368

الرغبة في عودة الزوجة بعد طلاقها ثلاثًا

فتاوى مجتمع وأسرة / فتاوى الطلاق

علي بن محمد بارويس
فتاوى لنفس المفتى / اللجنة
كود الفتوى عنوان الفتوى تصنيف الفتاوى المفتون
61607

القرض المتبادل بين الموظفين

/ فتاوى المعاملات المالية

اﻟﺷﯾﺦ أﺑﻲ اﻟحسن مصطﻔﻰ اﻟﺳﻠﯾﻣﺎﻧﻲ
61692

زكاة الفطر لمن يقيم في بلدين

فتاوى الزكاة / فتاوى زكاة الفطر

اﻟﺷﯾﺦ أﺑﻲ اﻟحسن مصطﻔﻰ اﻟﺳﻠﯾﻣﺎﻧﻲ
61748

ما على من نام عن صلاة الفجر

فتاوى الصلاة / فتاوى قضاء الفوائت

اﻟﺷﯾﺦ أﺑﻲ اﻟحسن مصطﻔﻰ اﻟﺳﻠﯾﻣﺎﻧﻲ
54902

حكم الطهارة من برك بجوار المساجد

فتاوى الطهارة / فتاوى الطهارة والمياه

القاضي محمد بن إسماعيل العمراني
62244

طهرت امرأة من الدورة قبل الفجر ونوت الصيام لكنها ما اغتسلت إلا بعد الظهر وأكملت صيامها هل صيامها صحيح

د. عقيل بن محمد زيد المقطري
64973

تقدم المأمومين في الصف الأمامي بعد سلام الإمام

فتاوى الصلاة / فتاوى صلاة الجماعة

علي بن محمد بارويس
فتاوى من نفس الموضوع