0

فتاوى

الرئيسية / فتاوى العقيدة/ عدم مبايعة ولي الأمر
عدم مبايعة ولي الأمر
السؤال :
[س66] هل يجوز لي أن أعتقد أن رئيس الدولة التي أعيش فيها ليس ولي أمري، مع سمعي له وطاعتي له وعدم تأليب الناس عليه، لكني أعتقد في قلبي أنه ليس وليا لي؟
الإجابة
لماذا لا تعتقد أن رئيس دولتك الذي بايعه أهلُ الحل والعقد عندكم، أو جمهورهم في بلدك أنه ولي أمرك؟ فإذا كان هذا الرئيس لا ينتمي إلى دين الإسلام، كأن يكون يهوديا، أو نصرانيا، أو وثنيا، أو نحو ذلك؛ فهو ليس ولي أمر للمسلمين في هذا البلد، لأن الله -عز وجل- يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ) فإذا لم يكن من المسلمين فلا يكون ولي أمرهم، لكن المسلمين مُطالَبون بأن يَسْمَعُوا ويطيعوا له وللأنظمة المتبعة في ذلك البلد فيما لم يخالف الكتاب والسنة، ومطالَبون أيضًا بعدم إثارة الفتن في ذلك البلد الذي يعيشون فيه، وعدم الانجرار وراء ما يُخل بالأمن العام، ويثير الفوضى، لأن عواقب هذه الأمور وخيمة على الناس عامة، وعلى المسلمين خاصة، وربما أفضى هذا الحال إلى سعي غير المسلمين في استئصال المسلمين، وإراقة دمائهم، ونهب أموالهم، وهتك أعراضهم، بما لا طاقة لهم به، ولا فائدة من ورائه، وربما كان هذا الرئيس خيرا لهم ممن يَخْلُفُه، وما قصة الصحابة الذين هاجروا إلى الحبشة مع النجاشي عندما كان نصرانيا عنّا ببعيدة، فقد أمَّن المسلمين في بلاده، وعاقب من أساء إليهم، ولم يحاربهم في دينهم، فعاشوا آمنين مطمئنين في ظل ولايته، وعندما نازعه بعض النصارى في ملكه؛ خشي المسلمون على أنفسهم وعلى مستقبلهم في الحبشة، بعد أن أَمِنُوا فيها من كيد قريش، فلما دحر الله من نازع النجاشي في ملكه؛ فَرِحَ المسلمون بذلك فرحا شديدا، فهذه الواقعة تبين لنا كيف يتعامل المسلمون مع قلّة عَددهم، وضَعْفِ عُدَدِهم، مع من هم ليسوا على دينهم.
أما إذا كان رئيس دولتك ينتمي إلى دين الإسلام، وإن كان يرتكب شيئًا من المفسقات، والظلم، فأنت مطالَب باعتقاد أنه أمير لك، طالما أن الناس قد خَضَعُوا له، وسَمَّوْه أميرًا، أو رئيسًا عليهم، كما أنك مطالَب بالسمع والطاعة له في المعروف، وعدم الافتئات عليه، أو الانضمام إلى أقوام يريدون الخروج عليه، سواء بالكلمة التي تُفْضي إلى التهييج والإثارة، واختلال الأمن، وزعزعة الاستقرار، أو كان الخروج بالسلاح، أو بالانتماء إلى التنظيمات التي تسعى للإطاحة به، بل أنت مطالَب أن تواليه بقدر ما عنده من الحق، ونصرة الدين، وتفرح بتمكينه ضد من يخرج عليه، بقدر ما يتحقق في عهده من الخير، ويُدْرأ في زمانه من الشر؛ لأن في تمكينه -على ما عنده- بقاء شيء من الخير للإسلام والمسلمين، وفي الخروج عليه فتن كَقطَع الليل المظلم، لا تَدَعُ بيتًا إلا دخلته، وتَعْطِيلُ الشر أو تَقْليله غاية شرعية كبرى، وإذا كان المسلمون كانوا يفرحون بنصر الروم -لأنهم أهل كتاب- على الفرس الوثنيين، مع أن الروم يقولون: إن ربهم عيسى -عليه السلام- وينسبون إلى الله تعالى الصاحبة والولد، وغير ذلك من عقائد لا تمتُّ لديننا بصلة، فما ظنك بالمسلم الجائر أو الظالم؟ يقول الله -عز وجل-: (الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ) والمراد بنصر الله هنا: انتصار الروم على الفرس، فأضاف الله نصر الروم -وحالهم كما سبق- إلى ذاته العليّة؛ لأنهم أقرب إلى الحق من الفرس الوثنيين، ومعلوم أن الخروج المسلح أول ما يبدأ يكون بالكلام، وشيئًا فشيئًا يصل إلى المواجهة المسلحة، وقلّما خرجت طائفة على حاكم جائر لها، إلا كان حالها بعد الخروج أسوأ منه قبل الخروج، والواقع يشهد لذلك، واحذر أن يفتنك المتهورون، أو المتعجلون، أو المفْرطون في الغَيرة، دون لزوم لمنهج السلف.
أما إذا كان رئيس بلادك ينتمي إلى الإسلام أيضا، لكنه يرتكب بعض المكفّرات الكبرى، فمعلوم أن المسلم الذي ثَبَتَ له عَقْدُ الإسلام، لا يُزال عنه الحكم بالإسلام، وإن ارتكب مُكَفِّرا، إلا بعد استيفائه شروط التكفير، وانتفاء موانع التكفير عنه، أي لابد من استتابته، ومعرفة شبهته لمناقشته فيها وإزالتها، ومعرفة شبهته لمناقشته فيها وإزالتها، فالتكفير للعين حُكْمٌ شرعي، لابدّ فيه من توافر شروطه، وانتفاء موانعه في حق المعيّن الذي سيُجرى عليه هذا الحكم -هذا إذا كان فردًا من عموم أفراد المجتمع، فكيف إذا كان حاكمًا، له أعوان وأنصار، ويملك زمام القوة، وفي دول العالم من يدعمه على ما هو عليه وينصره على مخالفه، وإن كان محقًّا، وسيترتب على الحكم عليه بالكفر أحكام شرعية كبيرة؟!- ومعلوم أيضا أن الحكم بتوافر هذه الشروط، وانتفاء تلك الموانع في حق المعين، ليس كَلأً مُبَاحًا لكل أحد، إنما الذي يتولى هذا كبار العلماء الراسخين، والقضاة العادلين، فإذا لم يتم ذلك، ولم يصدر هذا الحكم من هؤلاء العلماء والقضاة؛ فالرجل لازال في حَوْزَة الإسلام، ومن جملة أبنائه المنتسبين إليه، وإذا كان كذلك؛ فحُكْمُه حُكْمُ الحاكم الجائر الذي قبله، أي يُسْمَع له ويُطاع، ويُعان في الخير، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وإذا كنا مطالَبين بمراعاة شروط التكفير، وانتفاء موانعه في حق المعين، وإن كان من آحاد المسلمين، حفاظًا على حرمة دمه ونفسه وماله وعِرْضه، لما يترتب على الحكم بتكفيره من أحكام شرعية تبيح دمه وماله وعرضه، فكيف لا نُطالَب بمراعاة هذه القيود في حق حاكم للبلاد؟ الذي سيترتب على الحكم بتكفيره ابتلاء وامتحان لسكان هذا البلد، وربما كان عدم التأني ومراعاة الحال والمآل والمصالح والمفاسد في هذه الحالة سببا في فتنة لا يُغَطِّيها ذيل ولا يَسْتُرها ليل، والشريعة الإسلامية مُبَرَّأةٌ من فَتْح باب يُفضي إلى ذلك، فالشريعة جاءت بمراعاة الحال والمآل، ومراعاة تزاحم المصالح والمفاسد، وبسَدِّ الذرائع، والله أعلم.
2021-09-12 12:59:47
فتاوى : فتاوى عقيدة-عام   -  
كود الفتوى عنوان الفتوى تصنيف الفتاوى المفتون
63464

حكم تقسيم البدعة إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة

فتاوى العقيدة / فتاوى عقيدة-عام

د. عقيل بن محمد زيد المقطري
63453

ما حكم الاستعانة بالجن؟

فتاوى العقيدة / فتاوى عقيدة-عام

د. عقيل بن محمد زيد المقطري
56367

نجم الحمل

فتاوى العقيدة / فتاوى عقيدة-عام

القاضي محمد بن إسماعيل العمراني
فتاوى لنفس المفتى / اللجنة
كود الفتوى عنوان الفتوى تصنيف الفتاوى المفتون
61777

الاحتباء أثناء خطبة الجمعة

فتاوى الصلاة / فتاوى صلاة الجمعة

اﻟﺷﯾﺦ أﺑﻲ اﻟحسن مصطﻔﻰ اﻟﺳﻠﯾﻣﺎﻧﻲ
61688

الزيادة عن صاع في زكاة الفطر

فتاوى الزكاة / فتاوى زكاة الفطر

اﻟﺷﯾﺦ أﺑﻲ اﻟحسن مصطﻔﻰ اﻟﺳﻠﯾﻣﺎﻧﻲ
61583

وضع المصحف في الدولاب

فتاوى القرآن وعلومه / فتاوى آداب القرآن وفضائله

اﻟﺷﯾﺦ أﺑﻲ اﻟحسن مصطﻔﻰ اﻟﺳﻠﯾﻣﺎﻧﻲ
63429

دعاء رد الضالة

فتاوى العبادات / فتاوى الذكر

د. عقيل بن محمد زيد المقطري
63547

الصلاة بملابس كثيرة العرق

فتاوى العبادات / فتاوى الصلاة

د. عقيل بن محمد زيد المقطري
62254

هل يجوز إعطاء زكاة الذهب للوالدين

فتاوى العبادات / فتاوى الزكاة

د. عقيل بن محمد زيد المقطري
فتاوى من نفس الموضوع