0

فتاوى

الرئيسية / فتاوى العبادات/ فتاوى الصلاة/ حجز مكان في المسجد
حجز مكان في المسجد
السؤال :
نرى بعض الناس يحجز بعض الأماكن في المسجد , فيضع سجادةً ، أو كتابًا ، أو عمامةً ، أو غير ذلك , فمن رأى شيئًا من ذلك ؛ فلا يصلي في ذلك المكان , وإن صلى فيه ربما حدثت فتنة , فما حكم الشرع في ذلك ؟
الإجابة
الأصل أن المساجد لله عز وجل , وليست لأحد دون أحد , ومن سبق إلى مكان فهو أولى به , وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – كما في “مجموع الفتاوى ” (22/189-191): ” وأما ما يفعله كثير من الناس: من تقديم مفارش إلى المسجد يوم الجمعة أو غيرها , قبل ذهابهم إلى المسجد ؛ فهذا منهي عنه باتفاق المسلمين , بل محرم , وهل تصح صلاته على ذلك المفروش ؟ فيه قولان للعلماء , لأنه غصب بقعة في المسجد بفرش ذلك المفروش فيها , ومنع غيره من المصلين الذين يسبقونه إلى المسجد أن يصلي في ذلك المكان .
ومن صلى في بقعة من المسجد مع منع غيره أن يصلي فيها , فهل هو كالصلاة في الأرض المغصوبة ؟ على وجهين , وفي الصلاة في الأرض المغصوبة قولان للعلماء , وهذا مستند من كره الصلاة في المقاصير التي يمنع الصلاة فيها عموم الناس ” .
قال: ” والمشروع في المسجد أن الناس يتمون الصف الأول , كما قال النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم –: ” ألا تَصُفُّونَ كما تصف الملائكة عند ربها ؟” قالوا: وكيف تصف الملائكة عند ربها ؟ قال: ” يتمون الصف الأول فالأول , ويتراصون في الصف “1
وفي” الصحيحين 2 ” عنه – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – أنه قال: ” لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول , ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا , ولو يعلمون ما في التهجير ؛ لاستبقوا عليه ” .
قال: والمأمور به أن يسبق الرجل بنفسه إلى المسجد , فإذا قدم المفروش , وتأخر هو ؛ فقد خالف الشريعة من وجهين: من جهة تأخره , وهو مأمور بالتقدم , ومن جهة غصبه لطائفة من المسجد , ومنعه السابقين إلى المسجد أن يصلوا فيه , وأن يتموا الصف الأول , ثم أنه يتخطى الناس إذا حضروا , وفي الحديث: ” الذي يتخطى رقاب الناس , يتخذ جسرا إلى جهنم3 “ , وقال النبي صلى الله عليه وسلم: للرجل “ اجلس فقد آذيت 4
قال: ” ثم إذا فرش هذا , فهل لمن سبق إلى المسجد أن يرفع ذلك , ويصلي موضعه ؟ فيه قولان: أحدهما: ليس له ذلك , لأنه تصرف في ملك الغير بغير إذنه . والثاني: – وهو الصحيح – أن لغيره رفعه , والصلاة مكانه , لأن هذا السابق يستحق الصلاة في ذلك الصف المقدم , وهو مأمور بذلك أيضا ، ولا يتمكن من فعل هذا المأمور , واستيفاء هذا الحق , إلا برفع ذلك المفروش , وما لا يتم المأمور إلا به فهو مأمور به ” .
قال: ” وأيضا فذلك المفروش وضعه هناك على وجه الغصب , وذلك منكر , وقد قال النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: ” من رأى منكم منكرًا ؛ فليغيره بيده , فإن لم يستطع فبلسانه , فإن لم يستطع فبقلبه , وذلك أضعف الإيمان(5 ” لكن ينبغي أن يراعى في ذلك أن لا يؤول إلا منكر أعظم منه , والله تعالى أعلم , والحمد لله وحده ” اهـ . وبنحو ذلك قال – رحمه الله – في (22/193) و(24/216) .
هذا فيمن أرسل بسجادة أو نحوها , فتحجَّر مكانا في المسجد , لكن إذا سبق الرجل إلى مكان في المسجد ، فجلس فيه , ثم طرأ عليه طارئ , فقام منه ، ثم رجع إليه , فهو أحق به .
قال الخرقي: ومن قام من موضعه لعارضٍ لَحِقَه , ثم عاد إليه قريبا ؛ فهو أحق به ” .
قال شيخنا ابن عثيمين – حفظه الله – في ” الشرح الممتع ” (5/135-137): ” فإذا حجز الإنسان المكان , وخرج من المسجد لعارض لحقه , ثم عاد إليه ؛ فهو أحق به , والعارض الذي يلحقه , مثل: يحتاج للوضوء , أو أصيب بأي شيء اضطره إلى الخروج , فإنه يخرج , وإذا عاد فهو أحق به ” .
قال: ” ولكن المؤلف – يعني الخرقي – اشترط فقال: ثم عاد إليه قريبًا , ولم يحدد القرب , وكل شيء أتى ولم يحدَّدْ , يُرْجَع فيه إلى العرف …” قال: ” وظاهر كلام المؤلف: أنه لو تأخر طويلا ؛ فليس أحق به , فلغيره أن يجلس فيه . وقال بعض العلماء: بل هو أحق , ولو عاد بعد مدة طويلة , إذا كان العذر باقيًا , وهذا القول أصح ؛ لأن استمرار العذر كابتدائه , فإنه إذا جاز أن يخرج من المسجد , ويبقى المصلى إذا حصل له عذر , فكذلك إذا استمر به العذر , لكن من المعلوم أنه لو أقيمت الصلاة , ولم يزل غائبًا , فإنه يرفع – أي الشيء الموجود في المكان – ” .
قال – حفظه الله –: ” مسألة: لو فرض أنه رجع قريبًا أو بعيدًا – على قولنا: أنه مادام العذر فهو معذور – ووجد في مكانه أحدًا , فأبى أن يقوم , فحصل نزاع , فالواجب أن يدرأ النـزاع , وله أجر , ويجد مكانا آخر , إلا إذا أمكن أن يفسح الناس , بأن كان الصف فيه شيء من السعة , فهنا يقول: افسحوا , قال تعالى: ] يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فأفسحوا يفسح الله لكم [ ” .
ثم ذكر الشيخ – حفظه الله – حديث أبي هريرة عند مسلم في ك / السلام , باب / إذا قام من مجلسه ثم عاد فهو أحق به , أن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – قال: ” إذا قام أحدكم ” – وفي رواية: “من قام – من مجلسه , ثم رجع إليه ؛ فهو أحق به ” وذكر أن أصحاب أحمد أخذوا بظاهر الحديث , ولم يقيدوه بالعود قريبا , ثم ذكر – حفظه الله – أنه بناء على استمرار العذر فهو أحق به , أما إن انتهى العذر , ولكنه تهاون وتأخر ؛ فلا يكون أحق به اهـ .
وهذا هو الذي تطمئن إليه النفس , والله تعالى أعلم .



([1]) أخرجه مسلم في ك / الصلاة , برقم (430) من حديث جابر بن سمرة , وقد خرجته بتوسع في تحقيقي “للفتح” ك / العلم , برقم (21) .
([2]) أخرجه البخاري في ك / الأذان , برقم (615) ومسلم في ك / الصلاة , برقم (437) .
([3]) أخرجه الترمذي وغيره , وضعفه شيخنا الألباني – حفظه الله – في ” ضعيف سنن الترمذي ” ص(57- 58) برقم (79) في باب كراهية التخطي يوم الجمعة بلفظ ” من تخطَّى رقاب الناس يوم الجمعة ؛ اتخَذَ جِسْرًا إلى جهنم ” اهـ .
([4]) أخرجه أبو داود (1119) والنسائي (1399) وغيرهما من حديث عبدالله بن بسر , وسنده حسن , وقد تكلمت عليه في تحقيقي “للفتح” ك/ الصلاة , برقم (41) .
([5]) أخرجه مسلم في ك/ الإيمان , برقم (49) من حديث أبي سعيد الخدري .
2021-09-12 13:01:29
فتاوى : فتاوى الصلاة-عام   -  
كود الفتوى عنوان الفتوى تصنيف الفتاوى المفتون
63744

الحفاظ على صلاة الفجر

فتاوى الصلاة / فتاوى الصلاة-عام

أحمد بن حسن سودان المعلم
65111

الصلاة بدون وضوء ناسياً

فتاوى الطهارة / فتاوى الوضوء فتاوى الصلاة / فتاوى الصلاة-عام

علي بن محمد بارويس
63755

ركوب البحر قبل تأدية صلاة الفجر لعذر غير كافي

فتاوى الصلاة / فتاوى الصلاة-عام

أحمد بن حسن سودان المعلم
فتاوى لنفس المفتى / اللجنة
كود الفتوى عنوان الفتوى تصنيف الفتاوى المفتون
61567

اخراج زكاة الفطر بعد العيد

فتاوى الزكاة / فتاوى زكاة الفطر

اﻟﺷﯾﺦ أﺑﻲ اﻟحسن مصطﻔﻰ اﻟﺳﻠﯾﻣﺎﻧﻲ
61608

شروط المسح على الجوربين

فتاوى الطهارة / فتاوى مسح الخف

اﻟﺷﯾﺦ أﺑﻲ اﻟحسن مصطﻔﻰ اﻟﺳﻠﯾﻣﺎﻧﻲ
61597

وضع اليدين بعد الرفع من الركوع

فتاوى الصلاة / فتاوى صفة الصلاة

اﻟﺷﯾﺦ أﺑﻲ اﻟحسن مصطﻔﻰ اﻟﺳﻠﯾﻣﺎﻧﻲ
60789

من وطأ أخته في دبرها

فتاوى كتاب الحدود / فتاوى حد اللواط

القاضي محمد بن إسماعيل العمراني
61107

مذاكرة العلم والمدارسة في المسجد أثناء الاعتكاف

فتاوى الصوم / فتاوى الاعتكاف

القاضي محمد بن إسماعيل العمراني
60454

المخالفات الشرعية في البنوك الربوية

فتاوى المعاملات المالية / فتاوى الربا

القاضي محمد بن إسماعيل العمراني
فتاوى من نفس الموضوع