0

فتاوى

الرئيسية / فتاوى العبادات/ فتاوى الصلاة/ حكم صلاة الجمعة لمن صلى العيد اذا اجتمعا
حكم صلاة الجمعة لمن صلى العيد اذا اجتمعا
السؤال :
سمعنا أنه إذا جاء العيد يوم الجمعة , فمن صلى العيد ؛ سقطت عنه الجمعة والظهر , ولا يصلي بعد العيد إلا العصر , فهل هذا صحيح ؟
الإجابة
جاء في ” سنن أبي داود ” برقم (1073) وابن ماجه برقم (1311) وغيرهما من حديث أبي هريرة عن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – أنه قال: ” قد اجتمع في يومكم هذا عيدان , فمن شاء أجزأه عن الجمعة , وإنا مُجَمِّعُون ” والصحيح في هذا الحديث أنه مرسل , لكن له شواهد تقويه من حديث زيد بن أرقم , وابن عمر , وللعلماء أقوال في هذه المسألة:

القول الأول: تَرْكُ الجمعة والظهر جميعًا , وهو قول عطاء , واستدل بما ثبت عن ابن الزبير أنه صلى العيد , ولم يخرج من بيته إلا لصلاة العصر .
القول الثاني: الرخصة لأهل البر , والبوادي , والشواذ في ترك الجمعة , ويُصَلُّون الظهر , أما أهل المصر فيصلون الجمعة ولا بد , وهو قول مالك – في رواية – وقول للشافعي , واستدلوا لذلك بما قال أبو عبيد مولى ابن أزهر: شهدت العيد مع عثمان بن عفان , وكان ذلك يوم الجمعة , فصلى قبل الخطبة , ثم خطب , فقال: ” أيها الناس , إن هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان , فمن أحب أن ينتظر الجمعة من أهل العوالي ؛ فلينتظر , ومن أحب أن يرجع ؛ فقد أذنت له ” وأخرجه البخاري برقم (5572) .
وقد نصر هذا القول ابن عبدالبر , وشنع على القول الأول , فقال في ” التمهيد ” (10/270-271): “… فإن ذلك أمر متروك مهجور , … فإن الأصول كلها تشهد بفساد هذا القول , لأن الفرضين إذا اجتمعا في فرض واحد , لم يَسْقُطْ أَحَدُهُمَا بالآخر , فكيف أن يَسْقُطَ فرض لسنة حضرت في يومه ؟ هذا مما لا يشك في فساده ذو فهم …” ثم قال: ” وأما القول إن الجمعة تسقط بالعيد , ولا تصلَّى ظهرًا ولا جمعة فقول بَيِّنُ الفساد , وظاهر الخطأ , متروك مهجور , لا يُعَرَّجُ عليه , لأن الله – عز وجل – يقول: ] إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ [ ولم يخص يوم العيد من غيره , وأما الأحاديث المرفوعة في ذلك ؛ فليس فيها بيان سقوط الجمعة والظهر , لكن فيها الرخصة في التخلف عن شهود الجمعة, وهذا محمول عند أهل العلم على وجهين:
أحدهما: أن تسقط الجمعة عن أهل المصر وغيرهم , ويصلون ظهرًا.
والآخر: أن الرخصة في ذلك لأهل البادية , ومن لا تجب عليه الجمعة …” اهـ .
وفي “التمهيد” أيضاً (10/274) قال: فقد بان أن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – جَمَّعَ ذلك اليوم بالناس , وفي ذلك دليل على أن فرض الجمعة والظهر لازم , وأنها غير ساقطة , وأن الرخصة إنما أريد بها من لم تجب عليه الجمعة , ممن شهد العيد من أهل البوادي – والله أعلم- وهذا تأويل تعضده الأصول , وتقوم عليه الدلائل ومن خالفه ؛ فلا دليل معه ولا حجة له …” إلى أن قال في (10/277): ” وإذا احتملت هذه الآثار من هذا التأويل ما ذكرنا ؛ لم يجز لمسلم أن يذهب إلى سقوط فرض الجمعة عمن وجبت عليه , لأن الله – عز وجل – يقول: ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [ ولم يخص الله ورسوله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يوم عيد من غيره , من وجه تجب حجته , فكيف بمن ذهب إلى سقوط الجمعة والظهر المجتمع عليهما في الكتاب والسنة والإجماع , بأحاديث ليس منها حديث إلا وفيه مطعن لأهل العلم بالحديث اهـ وبنحوه في ” الاستذكار ” (7/23-30) وكلام ابن عبدالبر لا يسلم من مناقشة في بعضه , إلا أنه في الجملة قوي سديد , وقد قال بنحوه أيضًا ابن رشد في ” بداية المجتهد ” … إلى أن قال: ” ومن تمسك بقول عثمان ؛ فلأنه رأى أن مثل ذلك ليس هو بالرأي, وإنما هو توقيف , وليس بخارج عن الأصول كل الخروج , وأما إسقاط فرض الظهر والجمعة التي هي بدله لمكان صلاة العيد ؛ فخارج عن الأصول جدًّا , إلا أن يثبت في ذلك شرع يجب المصير إليه ” . اهـ
القول الثالث: أن الجمعة واجبة على كل من صلى العيد , وهو قول مالك – في رواية – وقول أبي حنيفة , وابن المنذر في ” الأوسط ” (4/291) وابن حزم في ” المحلى ” (5/89) وعَدَّ قول عثمان رأياً رآه فقط , ومن المالكية من أنكر هذه الرواية عن مالك , وذكر أنه يرى أن الصواب أن يأذن فيه الإمام , كما أذن عثمان , ووجه رواية ابن القاسم – التي استنكرها جماعة من المالكية -: عموم آية الجمعة , وأن الفرائض ليس للأئمة الإذن في تركها , وإنما ذلك بحسب العذر , ووجه الرواية الأخرى: ما يلحق الناس من المشقة بالتكرار والتأخر , وهي صلاة يسقط فرضها بطول المسافة وبالمشقة , وأن عثمان خطب بذلك يوم عيد , وهو وقت احتفال الناس , ولم ينكر عليه أحد … اهـ مختصرًا من ” المنتقى ” (1/317) .
القول الرابع: وهو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية – كما في “مجموع الفتاوى” (24/211) -: أن من شهد العيد سقطت عنه الجمعة , لكن على الإمام أن يقيم الجمعة ؛ لِيَشْهَدَها من شاء شهودها , ومن لم يشهد العيد , وادعى شيخ الإسلام أنه لم يعرف خلافًا في ذلك عن الصحابة , مع أن الخلاف في ذلك موجود ؛ كما هو موضح في موضعه من كتابي “تنوير العينين” , وذكر أيضًا أن أصحاب القول الثاني والثالث لم يعلموا بالحديث الوارد في الرخصة , وقال أيضًا: إذا شهد العيد ؛ حصل مقصود الاجتماع , ثم إنه يصلي الظهر إذا لم يشهد الجمعة , فتكون الظهر في وقتها , والعيد يحصل مقصود الجمعة , وفي إيجابها على الناس تضييق عليهم , وتكرير لمقصود عيدهم , وما سن لهم من السرور فيه والانبساط , فإذا حبسوا عن ذلك ؛ عاد العيد على مقصوده بالإبطال , ولأن يوم الجمعة عيد , ويوم الفطر والنحر عيد , ومن شأن الشارع إذا اجتمع عبادتان من جنس واحد ؛ أدخل إحداهما في الأخرى , كما يدخل الوضوء في الغسل , وأحد الغسلين في الآخر , والله أعلم . اهـ
والذي يترجح عندي ما قاله شيخ الإسلام ، وعلى الإمام أن يُصَلِّي الجمعة ، ويصلي معه من يسقط به فرض الكفاية في التجميع للجمعة ، وأما القول بترك الظهر أيضاً , فهو قول غريب عجيب , والله أعلم .
2021-09-12 13:01:31
كود الفتوى عنوان الفتوى تصنيف الفتاوى المفتون
61669

عدد التكبيرات الزوائد في صلاة العيد

فتاوى الصلاة / فتاوى صلاة العيدين

اﻟﺷﯾﺦ أﺑﻲ اﻟحسن مصطﻔﻰ اﻟﺳﻠﯾﻣﺎﻧﻲ
54802

التقدم في الخطبة على الخطيب الراتب

فتاوى الصلاة / فتاوى صلاة العيدين

القاضي محمد بن إسماعيل العمراني
54787

بداية صلاة العيدين

فتاوى الصلاة / فتاوى صلاة العيدين

القاضي محمد بن إسماعيل العمراني
فتاوى لنفس المفتى / اللجنة
كود الفتوى عنوان الفتوى تصنيف الفتاوى المفتون
61637

قص الشعر والأظافر لمن أراد أن يضحي

فتاوى شئون وعادات / فتاوى الذبائح والأضاحي والعقيقة والصيد

اﻟﺷﯾﺦ أﺑﻲ اﻟحسن مصطﻔﻰ اﻟﺳﻠﯾﻣﺎﻧﻲ
61734

قول أنا صائم غدًا إن شاء الله تعالى

فتاوى العبادات / فتاوى صوم-عام

اﻟﺷﯾﺦ أﺑﻲ اﻟحسن مصطﻔﻰ اﻟﺳﻠﯾﻣﺎﻧﻲ
61616

صيام عشر ذي الحجة

فتاوى العبادات / فتاوى صوم-عام

اﻟﺷﯾﺦ أﺑﻲ اﻟحسن مصطﻔﻰ اﻟﺳﻠﯾﻣﺎﻧﻲ
63972

حكم المبالغة برفع الصوت في الدعاء

فتاوى الذكر / فتاوى الأذكار والدعاء

أحمد بن حسن سودان المعلم
62216

حكم ممازحة وملاعبة الرجل لزوجته في نهار رمضان

د. عقيل بن محمد زيد المقطري
60638

الحكم إذا أقر الإنسان أنه زنا في أبيات من الشعر

فتاوى الجنايات والأقضية / فتاوى الزنا

القاضي محمد بن إسماعيل العمراني
فتاوى من نفس الموضوع