التكبير الجماعي
السؤال :
نلاحظ أن كثيرًا من الناس يُكَبِّرُون تكبيرًا جماعيًا , ورأينا بعض طلبة العلم ينكر هذا عليهم , ويقول: إنه بدعة , فما هو الصواب في ذلك ؟
الإجابة
لا ينبغي لطلبة العلم أن يتسرعوا في إطلاق البدعة على فعل من الأفعال , إلا بعد التأمل والنظر , والتوسع في جميع كلام أهل العلم ؛ حتى لا يجانبوا الصواب , وإني لأنصح طلبة العلم بعدم التجرؤ على التبديع في كثير من المسائل التي عليها العامة , إلا بعد الاستقراء التام لذلك
، فقد بان لي بوضوح أن كثيرًا مما أُنكر عليهم كان له أصل , وربما رجعنا إلى ما هم عليه ؛ لأن العوام في بلاد الإسلام قد ورثوا الإسلام قولاً وعملاً , نعم قد يكون ما هم عليه قولاً مرجوحًا أو مذهبًا ليبس بقوي , وقد يكون بدعة وضلالة ، لكن التجرؤ على التبديع قبل إعطاء المسألة حقها من النظر ؛ ليس من منهج السلف , والراجح عندي في هذه المسألة: أنه لا بأس بالتكبير الجماعي ، وذلك لوجوه:

الأول: ما جاء في ” صحيح البخاري ” برقم (871) من حديث أم عطية وفيه: “…حتى نخرج الحُيَّضَ , فيَكُنَّ خلف الناس , يُكَبِّرْنَ بتكبيرهم , ويَدْعُونَ بدعائهم …” الحديث , وفي رواية لمسلم (6/419) مع النووي برقم (2052) بلفظ: ” يكبرن مع الناس ” . وظاهر هذا أنه تكبير جماعي – وإن لم يكن صريحًا في ذلك – وبنحو هذا أثر ابن عمر وأبي هريرة في تكبير الناس بتكبيرهما في السوق , لكن في سنده نظر .
الثاني: ما أخرجه سعيد بن منصور وغيره ، وعلقه البخاري مجزوماً به: إن عمر كان يكبر في قبته بمنى ، ويكبر أهل المسجد , ويكبر أهل السوق , حتى ترتج منى تكبيرًا .
قال الحافظ في ” الفتح ”: “وقوله: “ترتج” بتثقيل الجيم , أي: تضطرب , وتتحرك , وهي مبالغة في اجتماع رفع الأصوات” اهـ (2/462) ولا شك أن الأصوات الجماعية أقوى في ارتجاج منى من الأصوات الفردية , وبنحو ذلك ما قاله مجاهد فيمن أدركهم , وفيهم صحابة ولا شك , انظر ” مصنف ابن أبي شيبة ” (3/240/13918) .
الثالث: ما قاله الإمام الشافعي في ” الأم ” (1/384-385) قال: ” فإذا رأوا هلال شوال ؛ أحببت أن يُكَبِّر الناس جماعةً وفرادى في المسجد ، والأسواق ، والطرق ، والمنازل , ومسافرين , ومقيمين , وفي كل حال وأين كانوا , وأن يُظْهِرُوا التكبير … اهـ
الرابع: عدم ثبوت دليل بالمنع , إلا القول: إن الأصل عدم ذلك , فيقال: وكذلك الأصل عدم رفع الصوت , وقد ورد الدليل فيما نحن فيه بخلافه – وهذا متفق عليه بيننا خلافًا للحنفية – والأدلة في المنع من رفع الصوت أظهر منها في المنع من الذكر الجماعي , فلما جاز الأعلى , جاز الأدنى من باب أولى , أضف إلى ذلك ما سبق ذكره من أدلة – وإن كان بعضها ليس صريحًا – وأيضًا: فإني لم أقف على نص واحد عن السلف بالمنع من ذلك , بل قد صرح الشافعي – رحمه الله – بالجواز ؛ كما سبق , ولما كان رفع الصوت بالتكبير من الشعائر أيام العيدين , فالتكبير الجماعي أقوى وأرفع صوتًا , وأكثر مناسبة لذلك , هذا ما ترجح عندي , والله أعلم .
وإن كان قد يرد على ذلك أنه لم يحفظ للتكبير هيئة مشهورة عن جماعة الصحابة ، ومعلوم أن التكبير لا يكون جماعيًّا إلا بالاتفاق على هيئة واحدة للتكبير ، والله أعلم.
إلا أنني أنصح الذين يكبرون التكبير الجماعي أن يعتنوا بفهم معاني الذكر الذي يتكلمون به , لا أن يشتغلوا باللحن الجماعي الذي ربما خرج عن الجادة , ومن كبر وحده فلا ينكر عليه ؛ لعدم تصريح الأدلة بخلاف ما هو عليه , والله أعلم .
2021-09-12 13:01:31
كود الفتوى عنوان الفتوى تصنيف الفتاوى المفتون
55693

حكم الهجر الذي يقصد به حل النزاع

فتاوى الطلاق / فتاوى الايلاء فتاوى البدع والمحدثات / فتاوى البدع في العقيدة

علي بن محمد بارويس
65994

حكم السب

فتاوى البدع والمحدثات / فتاوى البدع في العقيدة

علي بن محمد بارويس
61058

إحياء ليلة المولد النبوي

فتاوى البدع والمحدثات / فتاوى البدع في العقيدة

القاضي محمد بن إسماعيل العمراني
فتاوى لنفس المفتى / اللجنة
كود الفتوى عنوان الفتوى تصنيف الفتاوى المفتون
61626

وقت ذبح الأضحية

فتاوى شئون وعادات / فتاوى الذبائح والأضاحي والعقيقة والصيد

اﻟﺷﯾﺦ أﺑﻲ اﻟحسن مصطﻔﻰ اﻟﺳﻠﯾﻣﺎﻧﻲ
61613

أيام صيام عاشوراء

فتاوى العبادات / فتاوى صوم-عام

اﻟﺷﯾﺦ أﺑﻲ اﻟحسن مصطﻔﻰ اﻟﺳﻠﯾﻣﺎﻧﻲ
61665

الجهر في صلاة العيد

فتاوى الصلاة / فتاوى صلاة العيدين

اﻟﺷﯾﺦ أﺑﻲ اﻟحسن مصطﻔﻰ اﻟﺳﻠﯾﻣﺎﻧﻲ
61718

التكبير ثم الدعاء ثم التكبير ثم الركوع في الصلاة

فتاوى الصلاة / فتاوى صفة الصلاة

اﻟﺷﯾﺦ أﺑﻲ اﻟحسن مصطﻔﻰ اﻟﺳﻠﯾﻣﺎﻧﻲ
64216

إحياء شعيرة التكبير المطلق

فتاوى الذكر / فتاوى الأذكار والدعاء

أحمد بن حسن سودان المعلم
61677

وقت التكبير في العيدين

فتاوى الصلاة / فتاوى صلاة العيدين

اﻟﺷﯾﺦ أﺑﻲ اﻟحسن مصطﻔﻰ اﻟﺳﻠﯾﻣﺎﻧﻲ
فتاوى من نفس الموضوع