0

فتاوى

الرئيسية / فتاوى العبادات/ فتاوى الصلاة/ صلاة التراويح في البيت او المسجد
صلاة التراويح في البيت او المسجد
السؤال :
بعض الناس يرى أن صلاة التراويح في البيت أفضل من صلاتها جماعة في المسجد , وسمعنا بعضهم يقول: صلاتها في المسجد بدعة ؛ فهل هذا صحيح أم لا ؟
الإجابة
لا شك أن من قال: صلاة التراويح في المسجد بدعة ؛ فإنه يجهل كثيرًا من أقوال أهل العلم , ولم يعط المسألة حقها من النظر ، هذا إذا كان قائل ذلك صاحب علم وسنة , أما إذا كان صاحب بدعة وهوى ؛ فلا تلفت إليه ولا إلى ما قال .
وهذه المسالة قد تكلم فيها أهل العلم , فذهب جمهور العلماء إلى استحباب صلاة التراويح جماعة في المساجد ، وذهب بعضهم إلى استحباب صلاتها في البيوت , ومع ذلك وضعوا لها شروطًا .
واستدل القائلون بصلاتها في البيوت بأدلة منها:
(1) حديث عائشة: أن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – خرج ليلة من جوف البيت , فصلى في المسجد , وصلى رجال بصلاته , فأصبح الناس فتحدثوا , فاجتمع أكثر منهم , فصلى , فصلوا معه , وأصبح الناس , فتحدثوا , فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة ؛ فخرج رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – , فصُلِّي بصلاته , فلما كانت الليلة الرابعة ؛ عجز المسجد عن أهله , حتى خرج لصلاة الصبح , فلما قضى الفجر ؛ أقبل على الناس , فتشهد , ثم قال: ” أما بعد: فإنه لم يَخْفَ عليّ مكانُكم , ولكنِّي خشيتُ أن تفرض عليكم ؛ فتعجزوا عنها ” . متفق عليه , وعند البخاري: فتُوُفِّي رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – والأمر على ذلك . قـالوا: فهـذا رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – صلى في بيته , وبعد أن صلى في المسجد ترك ، ورجع للصلاة في البيت .
(2) واستدلوا بحديث زيد بن ثابت المتفق عليه , في قصة صلاتهم بصلاته – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – , وفيه: ” قد عرفتُ الذي رأيتُ من صنيعكم , فصلّوا أيها الناس في بيوتكم , فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ” . قالوا: فهذا رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يرشدهم إلى الصلاة في البيت , مع أنهم يطلبون منه أن يصلي بهم التراويح في المسجد .
(3) واستدلوا على ذلك بآثار صحّ منها أن ابن عمر جاءه رجل ، فقال: أصلي خلف الإمام في رمضان ؟ قال: أتقرأ القرآن ؟ قال: نعم , قال: أفتنصت كأنك حمار ؟ صلّ في بيتك . وصحّ عن سالم ، ونافع ، والقاسم ترك الصلاة في المسجد مع الجماعة .
وأما أدلة الجمهور باستحباب صلاة التراويح في المساجد ؛ فكثيرة ، منها:
(1) حديث عائشة السابق , فقالوا: صلاة رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – في المسجد بالمسلمين دليل على استحباب ذلك , وإنما تركها خشية أن تفرض على المسلمين , ويعجزون عن ذلك ، فلما زالت العلة ، وأَمِنَ عمر من المحذور – وهو فرضها على المسلمين مع عجزهم عنها – جمع الناس .
2) حديث أبي ذر – رضي الله عنه – قال: صمنا مع رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – رمضان , فلم يقم بنا النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – حتى بقي سبع من الشهر , فقام بنا ، حتى ذهب نحوٌ من ثلث الليل , ثم كانت سادسة ؛ فلم يقم بنا , فلما كانت الخامسة قام بنا ، حتى ذهب نحوٌ من شطر الليل , قلنا: يا رسول الله ! لو نفلْتنا قيام هذه الليلة , قال: ” إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف ؛ حُسِب له قيام ليلة “ . قال: ثم كانت الرابعة , فلم يقم بنا ، فلما بقي ثلث من الشهر ؛ أرسل إلى بناته ونسائه , وحشد الناس , فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح , ثم لم يقم بنا شيئًا من الشهر ، والفلاح هو السحور . وهو حديث صحيح قد رواه النسائي وأبو داود وغيرهما .
(3) حديث ثعلبة بن أبي مالك القرظي قال: خرج رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – ذات ليلة في رمضان , فرأى ناسًا في ناحية المسجد يصلون , فقال: ” ما يصنع هؤلاء ؟ “ قال قائل: يا رسول الله ! هؤلاء ناس ليس معهم قرآن , وأبي بن كعب يقرأ وهم معه يصلون بصلاته , قال: ” قد أحسنوا “ ، أو ” قد أصابوا ” . ولم يكره ذلك لهم . أخرجه البيهقي , وسنده فيه بحث , ولعل القول بقبوله أولى ، والله أعلم .
(4) أن عمر جمع الناس عندما رآهم يصلون أوزاعًا متفرقين على أُبيِّ بن كعب . أخرجه البخاري .
(5) واستدلوا أيضًا بآثار أكثرها ضعيف .
وأجاب بعض أهل العلم على حديث زيد بن ثابت: ” خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ” بجوابين:
(1) أن الرسول – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – لم يجبهم إلى طلبهم خشية أن تفرض عليهم , وفي ذلك الوقت كانت الصلاة في حق المخاطبين في البيت أفضل من الصلاة في الجماعة , خشية أن تفرض عليهم , ولما تناهت الفروض ، وأُمِن المحذور ؛ رجع الأمر إلى الأصل , وهو الصلاة جماعة في المسجد , وقد قال بذلك البيهقي في “السنن الصغير” و”فضائل الأوقات” .
(2) أن حديث زيد بن ثابت فيما لم يأت نص باستحباب صلاته جماعة في المسجد , أما إذا ورد نص بذلك – كما في صلاة التراويح – ؛ فيستثنى ذلك من حديث زيد ، والله أعلم .
وأما الآثار عن ابن عمر وغيره في ترك صلاة التراويح في المساجد ؛ فهو اجتهـاد منهم – رضي الله عنهم – والعبرة بالدليل , وقد سبقت أدلة من السنة وفعل الصحابة بخلاف ذلك ، ومعلوم أن الذين يستطيعون أن يقرؤوا الكثير من القرآن في صلاتهم قليل في الأمة ، وأن الذين ينشطون في الصلاة وحدهم أقل ، فلو قلنا بقول ابن عمر ؛ لأدى ذلك إلى فوات الخير على كثير من عوام المسلمين ، لقلة نشاطهم ، وكثرة مشاغلهم ، لكن من صلى مع إمامه حتى ينصرف ، ونشط لصلاة أخرى وحده ؛ فلا أعلم مانعًا يمنعه من ذلك ، والأمر في ذلك واسع ، ومراعاة أغلب الناس في الفتوى مقدم على مراعاة حال آحادهم ، والأقوياء منهم على العبادة ، والله أعلم .
وأما كون عمر لم يصل معهم ؛ فقد يكون لاشتغاله بأمور المسلمين ، أو صلاته آخر الليل , كما قال ابن عبد البر .
وقد صحّ أن عمر عندما سمع هيعة الناس قبل الفجر قال: ما هذا ؟ فقال ابن عباس: الناس حين خرجوا من المسجد , قال: ما بقي من الليل أحب إليّ مما ذهب . أخرجه عبد الرزاق وغيره . وفي هذا تفضيل للصلاة آخر الليل على الصلاة أول الليل , ولا يلزم من ذلك تفضيل صلاة الفرد على صلاة الجماعة . قاله الحافظ في ” الفتح ” .
وقد سئل أحمد – رحمه الله – عن ذلك فاستحب إحياء السنة في المساجد .
ففي “سؤالات أبي داود” ص (62): قال أبو داود: سمعت أحمد قيل له: يعجبك أن يصلي الرجل مع الناس في رمضان أو وحده ؟ قال: يصلي مع الناس , وسمعته أيضًا يقول: يعجبني أن يصلي مع الإمام ، ويوتر معه , قال النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم –: ” إن رجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف ؛ كَتب الله له بقية ليلته ” قيل لأحمد – وأنا أسمع – يوتر الإمام بثلاث , أوتر (أو أنصرف) فأوتر وحدي ؟ قال: نعم , يوتر -أي: مع الإمام- قيل: يضجون في القنوت ؟ قال: أوْتر معه , قيل لأحمد -وأنا أسمع- يؤخر القيام -يعني التراويح- إلى آخر الليل ؟ قال: لا , سنة المسلمين أحبّ إليّ , وكان أحمد يقوم مع الناس حتى يوتر معهم , ولا ينصرف حتى ينصرف الإمام , شهدته شهر رمضان كله يوتر مع الإمام , إلا أن ليلة لم أحضر اهـ .
وقال الليث بن سعد: ” لو أن الناس كلهم قاموا في رمضان لأنفسهم وأهليهم حتى يترك المسجد لا يقوم فيه ؛ لكان ينبغي أن يخرجوا إلى المسجد , حتى يقوموا في رمضان ؛ لأن قيام رمضان من الأمر الذي لا ينبغي للناس تركه , وهو مما سنّ عمر للمسلمين , وجَمَعَهُمْ عليه , وأما إذا كانت الجماعة قد قامت في المسجد ؛ فلا بأس أن يقوم الرجل لنفسه في بيته وأهل بيته ” اهـ . من “الاستذكار” و”التمهيد” .
وابن عبد البر ممن نصر القول بالصلاة في البيوت , ثم قال: ” إلا أن قيـام رمضان لابد أن يقـام اتباعًا لعمر , واستدلالاً بسنة رسـول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – في ذلك , فإذا قامت الصلاة في المسجد ؛ فالأفضل عندي حينئذٍ: حيث تصلح للمصلي نيته وخشوعه وإخباته ، وتدبر ما يتلوه في صلاته , حيث كان ذلك مع قيام سنة عمر, فهو أفضل – إن شاء الله تعالى – وبالله التوفيق ” اهـ . “التمهيد” (8/120) .
وقال الحاكم في “المستدرك” بعد ذكر حديث النعمان بن بشير في صلاة الصحابة مع النبي – صلى الله عليه وسلم –: ” وفيه الدليل الواضح أن صلاة التراويح في مساجد المسلمين سنة مسنونة…” ا هـ .
وقد قال الحافظ في “الفتح” (4/ 252): ” وعند الشافعي في أصل المسألة ثلاثة أوجه: ثالثها من كان يحفظ القرآن , ولا يخاف من الكسل, ولا تختل الجماعة في المسجد بتخلفه ؛ فصلاته في الجماعة والبيت سواء , فمن فقد بعض ذلك ؛ فصلاته في الجماعة أفضل ” اهـ .
وكل هذا الموافق للسنة وفعل الصحابة مقدم على ما ذهب إليه الإمام مالك – رحمه الله – , من الصلاة في البيت , ونقل عن جماعة أنهم فعلوا ذلك , مع أنه قال: لمن يقوى على ذلك ، والعلم عند الله تعالى .
2021-09-12 13:03:17
فتاوى : فتاوى صلاة النفل   -  
كود الفتوى عنوان الفتوى تصنيف الفتاوى المفتون
54538

صلاة أربع ركعات متواصلة بدل ركعتين

فتاوى الصلاة / فتاوى صلاة النفل

القاضي محمد بن إسماعيل العمراني
66684

الصلاة ثلاث ركعات في الصلاة الرباعية

فتاوى الصلاة / فتاوى صلاة النفل

أكرم بن مبارك عصبان
54531

من نسي صلاة الوتر

فتاوى الصلاة / فتاوى صلاة النفل

القاضي محمد بن إسماعيل العمراني
فتاوى لنفس المفتى / اللجنة
كود الفتوى عنوان الفتوى تصنيف الفتاوى المفتون
61636

الأصحية لمن قص شعره في ذو الحجة

فتاوى شئون وعادات / فتاوى الذبائح والأضاحي والعقيقة والصيد

اﻟﺷﯾﺦ أﺑﻲ اﻟحسن مصطﻔﻰ اﻟﺳﻠﯾﻣﺎﻧﻲ
61791

حكم القزع أو حلق جزء من الرأس

فتاوى الحج والعمرة / فتاوى الحلق والتقصير

اﻟﺷﯾﺦ أﺑﻲ اﻟحسن مصطﻔﻰ اﻟﺳﻠﯾﻣﺎﻧﻲ
61644

تغيير الأضحية بعد شراءها

فتاوى شئون وعادات / فتاوى الذبائح والأضاحي والعقيقة والصيد

اﻟﺷﯾﺦ أﺑﻲ اﻟحسن مصطﻔﻰ اﻟﺳﻠﯾﻣﺎﻧﻲ
60320

قسمة الرجل أمواله في حياته

فتاوى مجتمع وأسرة / فتاوى الميراث

القاضي محمد بن إسماعيل العمراني
62307

هل أجر العمرة في أول رمضان مثل أجرها في آخره

د. عقيل بن محمد زيد المقطري
64447

صفة صلاة الوتر وعدد ركعاتها

فتاوى الصلاة / فتاوى صلاة النفل

علي بن محمد بارويس
فتاوى من نفس الموضوع